حياة الإنسان في الجنّة فهي تختلف بلا شكّ عن حياته في الدّنيا، فالإنسان في الحياة الدّنيا تكون لذّته مؤقّتة تنتهي بقضاء حاجته، أمّا في الجنّة فلذّة الإنسان دائمة لا تنتهي ولا تنقطع، وإنّما تتجدّد في كلّ مرّة بأقوى وألذّ ممّا سبق، كما ورد في تفسير قوله تعالى (إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغل فاكهون )، أنّ شغل أهل الجنّة التّلذذ بالنّعم من طعامٍ وشرابٍ مع الحور العين بخلاف شغل أهل الدّنيا حيث يكون فيها النّصب والتّعب والهمّ والغمّ والحزن. كما إنّ من جوانب حياة الإنسان في الجنّة أنّه لا يخرج ما يخرجه أهل الدّنيا من فضلاتٍ وأوساخ كالبول والغائط والعرق، فأهل الجنّة لا يبولون ولا يتغوّطون، وإنّما يرشح ذلك منهم ريحُ مسكٍ طيّبة، كما أنّ أهل الجنّة لا ينامون كما ينام أهل الدّنيا، ذلك لأنّ النّوم هو الموتة الصّغرى، وإنّ أهل الجنّة لا ينبغي لهم الموت، فقد أكرمهم الله تعالى بأن منحهم الخلود الأبديّ، بعيدًا عن التّفكير في هواجس الأجل المؤقّت والموت المتربّص. وإنّ صورة أهل الجنّة هي صورة في غاية الجمال والبهاء والتألّق والنضرة، فأهل الجنّة جردٌ مردٌ مكحّلين، ومعنى مرد أي أنّهم مجرّدين من الشّعر على وجوههم وأجسادهم، كما أنّ الكحل يزيّن عيونهم ويمدّها بقوّة الإبصار، وهم بالعمر والسّنّ في ذروة الفتوّة والقوّة، حيث يكونون في عمر ثلاثة وثلاثين، وهو عمر سيّدنا المسيح عليه السّلام حينما رفعه الله إليه. كما أنّ من جوانب حياة الإنسان في الجنّة أنّه لا يسأم ولا يملّ، فهو بعيدٌ عن آفات النّفس، التي يعانيها الإنسان في الدّنيا، حيث يضجر أحيانًا ويقلق أحيانًا أخرى، فهو في صحّة نفسيّة كاملة.